الاقتداء : إكمال الدين ووفاة الرسول صلى الله عليه وسلم
المحور الأول: إكمال الدين وإتمام النعمة
1ـ حَجة الوداع:
هي أول وآخر حجة حجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد فتح
مكة، كانت في السنة العاشرة من الهجرة، سميت بحجة الوداع لأن الرسول صلى الله عليه
وسلم ودع فيها الناس، وأوصاهم، وأمر من حضر بتبليغ من غاب عنها ولذلك تسمى أيضا بحَجة
البلاغ.
2ـ السياق السيري لحَجة الوداع:
بعد الهجرة النبوية الشريفة قضى رسول الله صلى الله عليه
وسلم تسع سنوات في المدينة ينزل عليه الوحي بتعاليم الإسلام، فتعلم الناس أحكام
الصلاة والصيام والزكاة ... فاقتضت حكمة الله أن يكون ركن الحج آخر عبادة تفرض على
العباد، فأذن رسول الله في الناس، وسار بهم إلى مكة قاصدا الحج ليعلم الناس أحكام
آخر ركن من أركان الإسلام وهو يقول "لِتَأْخُذُوا
مَنَاسِكَكُمْ، فإنِّي لا أَدْرِي لَعَلِّي لا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتي هذِه" ، وفي يوم عرفة ألقى سول الله صلى الله عليه وسلم
خطبته الشهيرة التي لخص فيها شرائع الإسلام، وأرسى فيها دعائم السلم والمحبة
والتراحم بين العباد، وأشهدَ اللهَ بتبليغه الرسالة، وأقام الحجة على الناس حيث
قال: "ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم، قال: اللهم
فاشهد".
3ـ إكمال الدين وإتمام النعمة:
أ ـ إكمال الدين:
ويقصد بذلك أن الدين قد كمُل بكل عقائده وشرائعه، وحلاله
وحرامه، فكل الفرائض قد نزلت، فلا يحتاج إلى زيادة ولا إلى نقصان إلى يوم القيامة،
ولا يحتاج الناس إلى نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم، وأن دين الإسلام قد نَسَخَ
كل الشرائع وارتضاه الله لعباده.
ب ـ إتمام النعمة:
لقد من الله على
عباده بنعم لا تعد ولا تحصى، ومن أعظم هذه النعم وأجلها نعمة الإسلام وهداية
العباد إلى طريقه المستقيم، قال تعالى: {لقد
من الله على المومنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم ءاياته ويزكيهم
ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين} سورة آل عمران، الآية: 164.
المحور الثاني: وفاة النبي صلى الله عليه وسلم الحدث الأليم:
1ـ مرض النبي صلى الله عليه وسلم:
ـ في شهر صفر 11
هجرية مرض النبي صلى الله عليه وسلم مرض الموت الذي توفي فيه، وقد استمر ثلاثة عشر
يوما ينتقل بين بيوت أزواجه، قبل أن يستأذنهن ليُمَرَّضَ في بيت عائشة.
لما اشتد المرض
على رسول الله صلى الله عليه وسلم تعذر عليه الخروج لإمامة المسلمين في الصلاة،
قال: "مروا أبا بكر فليصلِّ بالناس"
فكان هذا الأمر إشارة منه إلى استخلاف أبي بكر بعده على الناس.
لما غاب النبي
صلى الله عليه وسلم عن المسلمين حزنوا حزنا شديدا، فخرج صلى الله عليه وسلم إليهم وهو
معصوب الرأس، فصبَّرهم، وخَفَّفَّ عنهم ،
وأخبرهم أن الموت حق على كل مخلوق، وبشرهم بانتظاره إياهم عند حوضه يوم القيامة.
2 ـ مشهد آخر يوم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم:
في فجر يوم الإثنين 12 ربيع الأول 11 هجرية، بينما
المسلمون في صلاة الفجر بإمامة أبي بكر الصديق أطل عليهم رسول الله صلى الله عليه
وسلم من حجرة عائشة رضي الله عنها بوجهه الشريف مبتسما، ففرح المسلمون به ظَنًّا
منهم أنه قد شفي، فأراد أبوبكر أن يترك الإمامة لرسول الله، فكاد المسلمون يفتتنون
في صلاتهم من شدة فرحهم، فأشار إليهم بيده الشريفة، أن أَتِمُّوا صلاتكم، ثم دخل
الحُجرة وأرخى السِّتر، وفي ضحى هذا اليوم توفي صلى الله عليه وسلم مضطجعا في حِجر
عائشة مختارا الرفيق الأعلى.
3 ـ من آخر وصايا النبي صلى الله عليه وسلم:
وكان من آخر ما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم
المسلمين في آخر حياته الصلاة، والإحسان إلى النساء، حيث قال " الصلاة،
الصلاة، واتقوا الله فيما ملكت أيمانكم"، كما أوصى كذلك بالمهاجرين الأولين،
والأنصار الذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم.
أهم الدروس والعبر من إكمال الدين، وفاة النبي صلى الله عليه وسلم:
·
أن أحكام الدين وشرائعه قد كملت فلا يحتاج إلى
تعديل ولا إلى تبديل.
·
أن الله تعالى ارتضى لعباده دين الإسلام ولن
يقبل من أحد غيره، قال تعالى: {ومن يبتغي غير الإسلام دينا
فلن يقبل منه}.سورة أل عمران، الآية: 84
·
أن الله تعالى أتم على عباده نعمه الظاهرة
والباطنة، ومن أهمها نعمة الدين.
·
صبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحمله
للأذى إلى أن أتم الله الدين.
·
من أحدث في الدين شيئا فهو ضال مبتدع وعمله
مردود عليه،
·
الدين غير مرتبط بحياة أحد من الناس ولو
كانوا مرسلين وواجب الناس الثبات عليه وتبليغه.
·
الموت حق على كل حي سوى الله، فلا أحد سيخلد
في هذه الدنيا: قال تعالى {وما جعلنا لبشر من قبلك الخُلد} سورة الأنبياء،
الآية 34.