مدخل الاستجابة: فقه المعاملات المالية في الإسلام: أحكامها وضوابطها
النصوص الوظيفية:
-قال الله تعالى: {آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه، فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير}
-وقال عز وجل: {قالوا ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طهاما فلياتكم برزق منه وليتلطف}
- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «رحم الله رجلا سمحا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى» أخرجه البخاري في صحيحه.
- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: "لا يبيع في سوقنا إلا من تفقه" رواه الترمذي في سننه.
أنشطة الفهم:
•الكلمات المفاتيح:
-مستخلفين: نواب عنه في التصرف.
-أنفقوا: تصدقوا.
-بِورقكم: بنقودكم.
-وليتلطف: وليحسن في معاملته.
-سمحا: لطيفا متساهلا.
-اقتضى: طلب القضاء.
•معاني النصوص:
النص1: أمر الله تعالى عباده بالإيمان به وبرسوله، والإنفاق من ماله الذي آتاهم.
النص2: إخبار الحق عز وجل بالتزام فتية الكهف الصالحين بالطيبات من الرزق، والتواصي بينهم على حسن التلطف في المعاملة.
النص3: بيان الرسول صلى الله عليه وسلم عِظمَ أجر التسامح واللين في المعاملات.
النص4: ضرورو تعلم أحكام المعاملات لراغب التجارة في السوق.
أنشطة البناء والتحليل:
المحور الأول: مفهوم المعاملات المالية وأقسامها
1- تعريف المعاملات المالية:
أ- المعاملات: من فعل عامل، تقول عاملت فلانا معاملةً: أي وقع بينكما تصرف معين.
وبهذا نعرف لفظ المعاملات على أنه: اسم جامع لكل التصرفات التي تكون بين الناس في أمور الدنيا، وتدخل ضمن هذه التصرفات: معاملات أسرية (الزواج، الطلاق، المواريث...)، ومعاملات مالية (كالبيع والشراء، والكراء، والإجارة...)
لكن في زمننا المعاصر إذا أطلق لفظ المعاملات فيقصد به في الغالب المعاملات المالية.
ب- المالية: نسبة إلى المال، والمال كل ما يملكه الإنسان وله قيمة، ويباح الانتفاع به شرعا واختيارا.
ج- المعاملات المالية: مجموع التصرفات التي تقع بين الناس في كل ما يجوز التعامل فيه وله علاقة بالمال والاقتصاد (البيع، الكراء، الرهن..)
د- فقه المعاملات المالية: مجموع الأحكام الضابطة والمنظمة لمعاملات الناس وتصرفاتهم فيما له علاقة بالقطاع المالي بكل مجالاته.
2- أقسام المعاملات المالية:
تنقسم المعاملات المالية إلى قسمين رئيسين كالتالي:
أ- المعاوضات: وهي المعاملات التي تقوم على الربح، حيث يتم فيها تعويض الشيء أو بيعه بشيء آخر.
أمثلة:
•بيع الذهب بالفضة، أو الأورو بالدرهم وتسمى هذه المعاملة: "الصرف"؛
•بيع الشعير بالقمح، أو الرمان بالليمون وتسمى هذه المعاملة: "المقايضة"؛
•بيع الخدمة بالنقود أو غيرها، وتسمى هذه المعاملة: "الإجارة"؛
•بيع منفعة الدار بالنقود، وتسمى هذه المعاملة: "الكراء".
وغير ذلك من التصرفات التي قد تسمى المعاملات كما قد يطلق عليها لفظ: "البيوع" لانها تشبه صورة البيع الأكثر تداولا لوجود المبادلة فيها.
ب- التبرعات: وهي المعاملات الإحسانية التي يطلب بها الإنسان وجه الله تعالى، كالوقف والوصية، والهبة وغيرها... وسميت بالتبرعات لأن المعطي يتبرع بما أعطى دون أن ينتظر الربح وإنما يريد وجه الله تعالى.
المحور الثاني: أحكام المعاملات المالية في الإسلام وضوابطها.
1- أركان العقود وشروطها:
أركان أي عقد بصفة عامة لا تخرج عن ثلاثة وهي:
الركن الأول: العاقدان: وهما اللذين يباشران عملية التعاقد ويبديان رغبتهما في إبرام العقد، ويشترط فيها أن يكونا عاقلين مميزين، فلا يصح عقد المجنون ولا السكران، ولا الصبي الصغير الذي لا يميز.
الركن الثاني: المعقود عليه: وهو الشي الذي يتم فيه التعاقد كالسلع والعقارات وغيرها، ويشترط فيه أمور هي كالآتي:
- أن يكون مما يجوز الانتفاع والتصرف فيه شرعا، فلا يجوز التعاقد في المحرمات؛
- أن يكون مملوكا لمن أراد أن يتعاقد فيه فلا يجوز للإنسان أن يبرم العقد على شيء ليس في ملكيته؛
- أن يكون معلوما بأوصافه لأن التعاقد على شيء مجهود قد يؤدي إلى النزاع؛
الركن الثالث: الصيغة وتسمى بالإيجاب والقبول: والمقصود بهما كل إشارة أو كلام يدل على رغبة العاقد في إبرام العقد، ويشترط في الصيغة أن تكون برضى العاقدين من غير إكراه، وأن يتطابق الإيجاب بالقبول وان يكونا في مجلس واحد.
2ـ بعض ضوابط المعاملات المالية وآدابها:
- وجوب تصحيح القصد في المعاملات الربحية، وذلك بتحري الكسب الحلال، وإخلاص النية لله تعالى في المعاملات الإحسانية بتجنب المن والأذى والرياء؛
- تحري المعاملات المالية المشروعة والابتعاد عن المحرمات؛
- توثيق العقود وحفظ حقوق الناس، تفاديا للنزاعات والخصومات؛
- ضرورة الالتزام بالصدق في المعاملات والوفاء بالالتزامات؛
- تجتب الأسباب المؤدية لفساد المعاملات أو المؤدية إلى النزاعات والخصومات.
3ـ الأصول العامة لفساد المعاملات المالية:
الأصل أن كل التصرفات المالية التي يقوم بها الإنسان جائزة، لكن توجد بعض الأسباب العامة التي تنقل المعاملة المالية من الحل إلى الحرمة، ونركز على أصولها العامة فيما يلي:
1-3- الربا: وهي الزيادة، وصورها كثيرة، أكبرها وأشدها ظلما: اشتراط الزيادة في القرض على المدين.
2-3- حرمة العين المتعامل بها: فكل ما هو حرام يحرم بيعه وشراؤه، والتعامل فيه بأي صورة من صور التعامل.
3-3- الغرر: وهو الجهل بحقيقة أحد العوضين في المعاملات الربحية، كمن اشترى صندوقا بثمن معين لا يعرف ما بداخله، فإما أن يجد مقابل الثمن، أو أقل أو أكثر.
4-3- كل شرط يؤدي إلى إحدى المحرمات المذكورة أعلاه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ولو كان مئة شرط" أخرجه البخاري.
خلاصة:
- المال مال الله، والإنسان مجرد مستخلف فيه، ينبغي له التصرف فيه على الوجه الذي يرضي الله تعالى؛
- تعلم احكام المعاملات المالية واجب على الناس لتجنب الوقوع في المعاملات الفاسدة، خاصة لمحترفي التجارة؛
- الرفق بالناس في المعاملات وحن التلطف معهم سبب في نيل مرضاة الله تعالى والدخول في رحمته.