الفصل الرابع: منذ الهجرة حتى استقرار النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة
recent
جديد المدونة

الفصل الرابع: منذ الهجرة حتى استقرار النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة




السيرة النبوية دروس وعبر، للدكتور مصطفى السباعي رحمه الله
الفصل الرابع: منذ الهجرة حتى استقرار النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة:
أولا: الوقائع التاريخية:

بعد أن علمت قريش بإسلام مجموعة من أهل يثرب؛ اشتد أذاها على المؤمنين بمكة، فأمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة، فهاجروا مستخفين، إلا عمر رضي الله عنه، فإنه أعلم مشركي قريش بهجرته، وقال لهم: من أراد أن تثكله أمه فليلحق بي غدا ببطن هذا الوادي، فلم يخرج له أحد.
في دار الندوة:

لما علمت قريش بهجرة المسلمين عقدت مؤتمرا بدار الندوة يتشاورون في إيجاد طريقة للقضاء على الرسول صلى الله عليه وسلم، فاستقر رأيهم على أن يأخذوا من كل قبيلة شابا جلدا، يجتمعون أمام دار الرسول عليه السلام فإذا خرج ضربوه ضربة رجل واحد فيتفرق دمه في القبائل، ولا يقدر بنو عبد مناف على حرب قريش كلهم بل يرضون بالدية، وهكذا اجتمعوا على بابه ليلة الهجرة ينتظرون خروجه ليقتلوه .
استخلاف النبي صلى الله عليه وسلم عليا لرد الودائع:

لم ينم الرسول صلى الله عليه وسلم تلك الليلة في فراشه، وإنما طلب من علي رضي الله عنه أن ينام مكانه، وأمره أن يرد الودائع والأمانات إلى أهلها، ثم غادر بيته دون أن يراه الشباب الموكلون بقتله، وذهب إلى بيت أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وكان قد هيأ راحلتين من أجل السفر، فعزما على الخروج، واستأجر أبو بكر عبد الله بن أُريقط، وكان مشركا ليدلّهما على طريق المدينة.

خرج الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر يوم الخميس أول يوم من ربيع الأول لسنة ثلاث وخمسين من مولده عليه الصلاة والسلام، ولم يعلم بأمر هجرته إلا علي رضي الله عنه، وآل أبي بكر رضي الله عنه، وعملت عائشة وأسماء بنتا أبي بكر في تهيئة الزاد لهما.
في غار ثور:

وصل الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق رضي الله عنه إلى غار ثور، فبقيا فيه ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر، فيخرج من عندهما بالسَّحر، ويصبح مع قريش بمكة كأنه كان نائما فيها، فلا يسمع من قريش أمرا إلا أوصله إليهما في المساء.

لما علم المشركون بفساد مكرهم، وأنهم إنما باتوا يحرسون علي بن أبي طالب لا محمد بن عبد الله، هاجت عواطفهم، فأرسلوا الطلب من كل جهة، واتجهوا إلى طريق اليمن، ووقفوا عند فم "غار ثور" يقول بعضهم: لعله وصاحبه في هذا الغار، فيجيب الآخرون: ألا ترى إلى فم الغار كيف تنسج العنكبوت خيوطها، وكيف تعشش فيه الطيور، مما يدل على أنه لم يدخل هذا الغار أحد منذ أمد، وأبو بكر يرى أقدامهم وهم واقفون على فم الغار، فيرتعد خوفا على حياة الرسول عليه السلام ويقول له: والله يا رسول الله، لو نظر أحدهم إلى موطئ قدمه لرآنا، فيطمئنه الرسول بقوله: "يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما."
إغراءات قريش

جعلت قريش جائزة قدرها مائة ناقة لمن يأتي بالرسول وصاحبه حيين أو ميتين، فانتدب لذلك سراقة بن مالك، طمعا في الظفر بالجائزة وحده. وقد أدركهما سراقة، فلما اقترب منهما، ساخت قوائم فرسه في الرمل فلم تقدر على السير، وحاول ثلاث مرات أن يحمل الفرس على السير جهة الرسول فتأبى، عندئذ أيقن أنه أمام رسول كريم، فسأله أن يكتب له كتاب أمان فأمر أبا بكر فكتب، ووعده الرسول صلى الله عليه وسلم بسِوَارَي كسرى يلبسهما، ثم عاد سراقة إلى مكة، فتظاهر بأنه لم يعثر على أحد.
في طريق المدينة:

في الطريق إلى المدينة نزل الرسول صلى الله عليه وسلم في بني عمرو بن عوف، فأسس أول مسجد بُني في الإسلام، وهو مسجد "قُباء"، ويقع جنوب غربي المدينة، ويبعد عن المدينة حوالي ميلين (حوالي 3كيلومتر) وأقام في قباء أربعة أيام، ثم سار صباح الجمعة إلى المدينة، فأدركته صلاة الجمعة في بني سالم بني عوف، فبنى مسجدا هناك، وأقام أول جمعة في الإسلام، وأول خطبة خطبها في الإسلام، ثم أكمل طريقه إلى المدينة.
وصول النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة:

وصل الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه إلى المدينة في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول، وبعد أن طال انتظار أصحابه له، يخرجون كل صباح إلى مشارف المدينة، فلا يرجعون إلا حين تحمى الشمس في وقت الظهيرة، فلما رأوه فرحوا به فرحا عظيما.
بناء المسجد النبوي:

أول عمل قام به الرسول بعد وصوله إلى المدينة أنه اختار المكان الذي بركت فيه ناقته ليكون مسجدا له، وشارك في بنائه عليه الصلاة والسلام.
المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار:

آخى الرسول بين المهاجرين والأنصار، فجعل لكل أنصاري أخا من المهاجرين، فكان الأنصاري يذهب بأخيه المهاجر إلى بيته، فيعرض عليه أن يقتسم معه كل شيء في بيته.
صحيفة المدينة:

كتب الرسول كتابا بين المهاجرين والأنصار وادع فيه اليهود وأقرهم على دينهم، فلا يحاربهم ولا يؤذيهم مع التزامهم بنصرته إذا هاجم العدو المدينة، وقد تضمنت الصحيفة المبادئ التي قامت عليها أول دولة في الإسلام.
ثانيا: أهم الدروس والعبر.

· الإيمان بالله كان أحسن زاد تزود به الرسول وصاحبه في هجرتهما.

· القوة لها أثرها في رد الأعداء (جهر عمر بن الخطاب بهجرته.)

· الجندي الصادق المخلص يفدي قائده بحياته (نموذج علي بن أبي طالب.)

· الحرص على أداء الأمانة لأصحابها ولو كانوا أعداء (استخلاف علي لرد الودائع لكفار قريش.)

· ضرورة الجمع بين الأخذ بالأسباب والتوكل على الله تعالى، فقد استعان الرسول بعبد الله بن أريقط، وكتم أسرار هجرته عن الناس...

· ضرورة الإخلاص والسلامة من الأغراض الشخصية، فالرسول لم يكن يطلب الدنيا ولا تحقيق مصالحه، وإنما يسعى لإخراج الناس من الظلمات إلى النور.

· من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، فقد ترك المهاجرون ديارهم وأموالهم وأهليهم التي هي أحب شيء إليهم، لما تركوا ذلك كله، عوضهم الله بأن فتح عليهم الدنيا، وملَّكهم شرقها وغربها.

· في المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار تمتين لروابط الأخوة وذوبان للعصبيات القبلية.

· التنبيه على عظم دور المسجد في الأمة، فأول ما قام به هو بناء المسجد.

· التنبيه على عظم دور المرأة، ويتجلى ذلك من خلال الدور الذي قامت به عائشة وأختها أسماء رضي الله عنهما؛ حيث كانتا نعم الناصر والمعين في أمر الهجرة.

· التنبيه على عظم دور الشباب في نصرة الحق، ويتجلى ذلك في الدور الذي قام به علي بن أبي طالب حين نام في فراش النبي ليلة الهجرة، ويتجلى من خلال ما قام به عبد الله بن أبي بكر؛ حيث كان يستمع أخبار قريش، ويزود بها النبي وأبا بكر.

· في معاهدة الرسول لليهود دليل على أن أساس الدولة الإسلامية قائم على العدالة الاجتماعية، وأن أساس العلاقة بين المسلمين وغيرهم هو السلم ما حافظوا على العهد، وأن مبدأ الحق والعدل والتعاون على البر والتقوى والعمل لخير الناس ودفع أذى الأشرار عن المجتمع، هو أبرز الشعارات التي تنادي بها دولة الإسلام
باقي ملخصات فصول الكتاب
ملخص الفصل الخامس



google-playkhamsatmostaqltradent