مدخل التزكية: الإلحاد بين الوهم والحقيقة
النصوص الوظيفية:
قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا ۗ أَفَمَن يُلْقَىٰ فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ۖ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39)} سورة فصلت.
قال عز وجل: { سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (146)} سورة الأعراف.
الكلمات المفاتيحّ:
- يُلحدون: يميلون عن الحق؛
- آمنا: مطمئنا بسبب فوزه برضا الله تعالى؛
- سأصرف: سأحجب وأبعد؛
- سبيل الرشد: طريق الهداية والسداد؛
- سبيل الغي: طريق الضلال والفساد.
معاني النصوص:
النص1: إخبار الحق سبحانه بعلمه واطلاعه على منكري آياته، مع بيان عاقبتهم يوم الحساب.
النص2: توعد الله تعالى المتكبرين بحجب نور آياته عنهم بسبب تكذيبهم وإعراضهم عن الحق وانغماسهم في الضلال.
المحور الأول: مفهوم الإلحاد وأوهام الملحدين
1ـ مفهوم الإلحاد:
الإلحاد في اللغة الميل عن القصد، واصطلاحا: مذهب اعتقادي يقوم على فكرة أساسها إنكار وجود الله وأن الكون وُجد صدفة بلا خالق، ومادته أزلية لا نهاية لها، وأن الدين خرافة من صنع الإنسان.
2ـ أنواع الإلحاد واوهام الملحدين
- النوع الأول: الإلحاد بإنكار وجود الله: حيث يزعم الملحدون بأنه لا وجود لخالق أَوْجَد هذا الكون، بل وُجد صدفة، وهذا رأي مخالف لقواعد العقل، لأن المنطق السليم يدرك بأنه لا وجود لصنعة بدون صانع، فإن لم يوجد خالق لهذا الكون فكيف وُجد إذن، فهذا المنطق هو الذي جعل كفار قريش رغم إسرافهم في الجحود لا يستطيعون إنكار وجود الخالق، فكانت مشكلتهم في الشرك بالله مع اعتقادهم بوجوده قال تعالى: {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله، قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون} سورة لقمان الآية 24.
- النوع الثاني: الإلحاد في أسماء الله تعالى وصفاته: وهو وصف الله تعالى بما لا يليق به سبحانه، أو تعطيل أسمائه عن معانيها وتشبيه صفاته بصفات خلقه، وقد بالغ القرآن الكريم في الإنكار على هذا النوع من الإلحاد، قال تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه.} سورة الأعراف
- النوع الثالث: الإلحاد بإنكار القرآن الكريم أو بعضه: وهو أن يؤمن البعض ببعض حقائق القرآن الكريم وأحكامه وينكرون الباقي بدعوى عدم فهمها أو عدم ملاءمتها لأفكارهم، كمن يبيح الفوائد البنكية ظنا أنها لا تدخل في باب الربا، وتعطيل آيات الفرائض والحدود، وإنكار آيات الحجاب زعما أنها لا تتماشى مع هذا العصر، وقد أنكر القرآن على هؤلاء وتوعدهم بأشد العذاب، قال تعالى: {أفتومنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض، فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا، ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما يعملون} سورة البقرة، آية: 84.
- النوع الرابع: الإلحاد بإنكار يوم البعث: حيث يوجد من الناس من ينكر وجود حياة أخرى بعد الموت، قال الله تعالى في حقهم: {وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر} فينكرون الحساب والجنة والنار ويسخرون من ذلك، ويرونه منافيا للعقول.
المحور الثاني: حقائق الإيمان تنسف أوهام الملحدين
1ـ أساليب القرآن الكريم في دحض أوهام الملحدين
كثيرة هي الأساليب التي يستعملها القرآن الكريم للرد على المنكرين الجاحدين، ومن أهمها ما يلي:
- أسلوب المخاطبة بالعقل والمنطق: قال تعالى: {أم خُلقوا من غير شيء أم هم الخالقون}.
- أسلوب ضرب المثل: وذلك لأخذ العبرة مما جرى للأمم السابقة المكذبة، قال سبحانه: {واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون...}
- أسلوب الترغيب والترهيب: وذلك للترغيب في الجنة ونعيمها، قال تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نُزلا خالدين فيها لا يبغون عنها حِوَلا} سورة الكهف، والترهيب من النار وسعيرها، قال عز وجل: {إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها} سورة الكهف.
- أسلوب الدعوة إلى النظر في الكون وإعمال العقل في الخلق: قال تعالى: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق} سورة فصِّلت الآية: 53. وقال سبحانه: {وفي أنفسكم أفلا تُبصرون} سورة الذاريات، آية: 21.
- أسلوب التحدي والإعجاز: قال تعالى: {قل لئن اجتمعت الانس والجن على أن ياتوا بمثل هذا القرآن لا ياتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا} الإسراء: 88.
2ـ آثار الإلحاد:
الإلحاد خطر عظيم له آثار سلبية على الواقع فيه من أهمها:
- الخروج عن الفطرة؛
- العذاب النفسي؛
- العذاب المادي.